بعد روايته الأولى «شيطان أبد الدهر» يُواصل دونالد راي بولوك في رواية «المائدة الربانية»، الكشف عن زيف الأساطير المؤسّسية للحلم الأمريكي وإبراز تهافتها من الداخل، مستعينا في ذلك بذاكرة الذات الجمعية، أي تلك الذات التي وعدتها المؤسسات الرسمية بالفاو في السّماء مقابل الاستعبادِ في الأرض. في هذه الرواية، يعود بنا بولوك إلى سنة 1917، السنة التي قررت فيها الولايات الأمريكيّة دخول الحرب العالمية الأولى، ويعرض
علينا قصة مزارع وأبنائه الثلاثة، قصة فقر مُعَلن مقابل وعودِ هلاميّة بالرّفاه في الفردوس. ولكن حينها يموتُ الأب، ينتفض الأبناء على تلك الأساطير الطهرانية، ويتحولون إلى لصوص بنوك دمويين. يقدّم بولوك صورة حيّةً ساخرة عن تمرّقاتِ مجتمع هرول نحو المكنة، واستعباد العال، مُعليًا قيمة التقدّم على حساب الطيبين الأبرياء المواظبين على ترديد صلواتهم. ويرسم على شاكلة لوحات (جيروم بوش)، مائدته الربانية، مائدة تتوزع فوقها أطباق رهيبة تعكش شهوة مجتمع إلى الهمجية والقتل، وانحلال التدريجي، فيما تواصل مؤسساته الرسمية «طبخة» إيانيًا، وتعزز قبضتها عليه