لعبد العزيز العروي حكايات وحكايات رواها على مسامع التونسيين وتناهت عبر الأثير في إذاعة الأخبار والحكايات إلى مسامع أشقائهم وجيرانهم الجزائريين واللبييين و لكن حكاية العروي نفسه وقصته لا يعرفها الكثير من أبناء الشعب الذي عاصره وأغرم برواياته ولم يكتب له أن يلتحق بالمدارس والجامعات ويتزود بالمعارف الحديثة في فهم الوجود والإنسان ولكنه وجد في حكايات العروي منبعا لا ينضب من الحكم والعبر ينهل منها للتأمل في عجائب الدنيا وغرائبها, في أفراحها وأتراحها , في حلوها ومرها وللنظر في ما يعتمل في الوجود الإنساني من التناقضات وما ينجر عن ذلك في خضم الصراع الذي تخوضه الذات الفردية من النوازع المتضاربة التي دونها لا يكون للحياة معنى ولا للحكايات جمال ودلالة ووقع على آذان المستمعين إليها

يشتمل هذا المؤلف على خمسة أقسام مغناة باستجوابات وشهادات حيّة استعرضت فيها الانتخابات الأولى بتونس المستقلة والتي رسّخت " الديمقراطية السلطوية " حسب تعبير شارل أندري جوليان، وكذلك الكفاح المسلح والفلاقة، وترويض المنظمات الوطنية والمجتمع، والسلطة الفرديّة وحريّة الصحافة وأخيرا مؤامرة ديسمبر/كانون أول 1962 وتركيز نظام الحزب الواحد

فالكتابة التاريخيّة في نظرنا فسحة تبدأ من قضايا الحاضر دون الانصهار فيه لتخوض في سجلاّت الماضي ومنعرجاته وتنبش في ثناياه وخفاياه لتقديم أجوبة عن الإشكاليّات المطروحة، وهو ما من شأنه أن يساعد على فهم الحاضر وإنارة المستقبل، أمّا التاريخ المنبت عن القضايا الراهنة فهو سرعان ما يصبح محنّطا ومآله الرفوف والمتاحف ...
نحاول انطلاقا من هذا التصوّر للتاريخ أن نبحث في هذا الكتاب في المعضلة الاقتصاديّة من زاوية نظر المؤرّخ. فهل حمل تاريخنا "خطيئة" أصليّة هي الاقتصاد ؟ لماذا أصبح الاقتصاد في كلّ مرحلة تحوّل وبناء قوّة جذب إلى الوراء ؟ هل توجد حتميّة ما جعلت الهويّات التّي ننتمي إليها كيانات جامدة هامدة غير قادرة على الفعل الحضاري ؟

على قشرة موز بدأت اليوم أكتب ردّا على حارس القفص الغبيّ، الذي ضحك مني البارحة وهو يقدّم لي الطّعام. و يشير اليّ ساخرا: يليق بك جلد القرد أيها الفتى. أنا لست الوحيد من البشر الدي يلبس جلد حيوان. كلّكم تلبسون جلود الذئاب والثعالب والنمور ... لكنّكم تكابرون. من يرفع الان اصبعه في اخر العالم ويفنّد كلامي هذا؟ لولا الحيوان و النّبات لبقيتم حفاة عراة كدود الجيف. ألم يلبس النبيّ يعقوب جلد نعجة ليباركه أبوه النبي اسحاق مكان أخيه عيسو. و رغم تحيّله فانّ اسمه لم يحذف من أنطولوجيا الأنبياء؟ انظروا ذلك الرجل الذي يسرق صوف النّعجة. و يحوّله معطفا أسود، حتى يضلل العدالة ويمسح اثار جريمته. ثمّ يدخل قاعة مكتظّة بالبشر ليحاضر عن الانسان والحداثة والقيم

تطرح هذه الرواية سؤالا، تطرح أسئلة. لعلّ أهمّها كيف يصبح الإنسان إرهابيّا؟ أو كيف لتونسيّ بالذات أن يصبح إرهابيّا؟ يصبح السؤال أكثر تعقيدا عندما يروي المؤلّف قصّة أخوين ولدا من نفس الأمّ ونفس الأب، بل هما توأم. فكيف لأحدهما أن يصبح يساريّا وكيف للآخر أن يتحوّل إلى إرهابي؟ توأم عاش نفس الظروف وتلقّى نفس التربية

هذه المقالات التي تناولت فيها مواضيع مختلفة هي من ثمرة صباحاتي في الحمامات التي فيها أقمت من 2006 إلى خريف 2021 ... لعل القارئ يجد فيها ما يمتعه وينيره في هذا الزمن الموسوم بالاضطرابات والتقلبات مثل كل أزمنة التحولات الكبرى. - حسونة المصباحي

إن أصعب الأشياء في حياتنا، هي تلك الأوقات التي يغيب فيها المنطق ونفقد فيها الوعي والشعور ، حين تختلط لدينا الأحلام بالأوهام وتعبث بنا الأيام وتقتلعنا من طمأنينة، كانت ولا تزال أقسى ما تحلم به قلوبنا وما تتمناه... كم يبدو الأمر قاسيا ومربكا حين تخذلك نفسك على غير ما تتوقع وقد احتضرت في داخلك الكلمات، لتعيش ذلك المخاض المؤلم من الأمنيات التي تأبى أن تتحقق لك، تلك التي تصرخ لأجل أن يعرف العالم من حولك .. كم هو صعب طعم انتظارها ... تخيل عذاب السؤال وأنت تسعى وراء حاضر لا تعثر فيه على نفسك وماض مضى من دونك، ومستقبل لم يكن لك يوما

في عام 2015، هرب مئات الآلاف من السوريين من الحرب الأهلية بحثا عن حياة أفضل، عبروا في رحلتهم لبنان وتركيا واليونان ومقدونيا وصربيا وهنغاريا والنمسا قبل وصولهم إلى ألمانيا. كانت مغامرة خطيرة وغير إنسانية، لكنها مثلت الأمل الوحيد والفرصة الأخيرة. قليلون هم من تبوها

نهضت من نومها فزعة في شهقة عميقة وصوت وجيب قلبها يملأ صدرها وأذنها. جلست في مرقدها تلهث محاولة فهم ما جرى. بضعة ثوان كانت كافية ليتجلى الضباب الذي يلف عقلها. جالت حولها بعينيها لتجد أنها في غرفة نومها وفي فراشها ... مدت يدها تلقائيا لتضيء الأباجورة وتتفقد الساعة، إنها الثاثلة صباحا. نفس الحالة التي تعتريها في نفس الوقت، كل يوم منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، ولا تدري لها تفسيرا

الحمد لله الذي وفقنا لإنجاز هذا الكتاب - الذي يمثل الجزء الأول من مؤلف "منوال التنمية الجديد" - مدخل نظري إلى "منوال التنمية" من المنظور الإسلامي والليبرالي والاشتراكي وطرح الحاجة إلى "منوال تنمية جديد" في ظلّ هذا العصر المتقلّب والذي يتميّز بالعولمة وما أفرزته من زخم المعلوماتية والتحوّلات التكنولوجيّة المتسارعة وتشابك المصالح الدولية في نظام عالمي جديد يهيمن فيه الغرب الليبرالي على الثروة والقرار الدولي ويفرض سيطرته السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية على العالم ويتحكم في مركز القرار السيادي للدول النامية خدمة لأجنداته التوسعية

عبد الرزاق بن العربي