من خلال هذا الكتاب وبطريقة بسيطة سيتمّ تزويد القارئ بمجموعة متنوّعة من مفاتيح التنشئة النفسيّة السليمة للفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشيخوخة بهدف نموّ متوازن. سيتمّ تسليط الضوء على العلاقة بين الوالدين والطفل في مختلف مراحل الطفولة ودورهما في تنميته الذاتيّة لاحقا ونوعيّة تكوين العلاقات المستقبليّة مع الآخرين. كما سيتمّ التطرّق إلى مختلف مراحل النموّ وكيفيّة تحقيق مهمّات النموّ الرئيسيّة لكل مرحلة، ودور الأم ودور الأب في الرعاية. كما سيتمّ تناول مجالات النموّ النّفسي والاجتماعي للفرد، نظرا لتوسّعها إلى مرحلة الرشد، ولتركيزها بشكل أكبر على العوامل الاجتماعيّة والبيئيّة، مع وجود أزمات أو مهمّات نموّ يجب حلّها في كل مرحلة من مراحل النموّ

كنا نعرف أننا سنكون موضوع كتاب. لم يكن الزمن يعنينا، فالزمان عندنا ممتد لا نهائي، لم يكن يعنينا من سيؤلف الكتاب، فجميع الأشخاص من منظورنا واحد، إن هي أدوار مختلفة يوزعها المخرج، ونحن نثق في مطلق حكمته. لم يكن يعنينا مضمون الكتاب، فنحن نعرف أن وجهة النظر إلى الشيء هي التي تصنع الشيء، ووجهات النظر متعددة تعدد أنفاس الخلائق. ما كان يسعدنا هو اجتماعنا معا بين دفتي كتاب. فمشاغل الحياة الأخرى كثيرة ومتنوعة أيضا، ونحن، وإن كنا نلتقي ونتحاور أحيانا، تمر علينا فترات نشتاق فيها إلى بعضنا البعض

يهتم هذا الكتاب بدراسة مسلك من تاريخ الذهنيات والمعتقدات الشعبية، التي تندرج فيها جملة الممارسات والطقوس ويمارسها المجتمع ويعتقد فيها أشد ما اعتقاد، وقد تصطبغ هذه الطقوس بطابع ديني عقدي مثلما هو الحال في المجتمع التونسي، وسوف نخصص هذه الدراسة للبحث في بعض ممارسات السحر والشعوذة" وطقوسها ، حيث تنتشر ممارسته ويدرج ضمن النسق العقدي الإيماني للتّونسيّين. وتتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات ترتبط بهذه الممارسات والطقوس السحرية خاصة بعد تعمقنا في البحث والتساؤل الأهم بالنسبة إلينا دائما والحاضر بقوّة أثناء تفكيكنا لهذا البحث هو إلى أي مدى يمكن للمنظومة الفكرية التونسية القطع مع كل ما هو اعتقاد سحري خرافي التؤسس لعقلانية متماسكة، تساهم بشكل أو بآخر في ترتيب أولويات المعتقدات

لقد كانت المرحلة التاريخية الممتدة بين 1929 و1939 مثقلة بتأثير كل العوامل التي حددت ملامح تطور المجتمع التونسي بين الحربين العالميتين، كما أنها شكلت إطارا عاما لسلسلة من الأزمات والتحولات قادت إلى تجديد تأسيس فكر الحركة الوطنية ومناهج عملها وأهداف نضالها

وقد شهدت ذات المرحلة بروز ثلاثة عوامل امتزجت فيها المكونات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وصبغت الواقع عميقا، وجعلته مسرحا لأزمات هائلة وتحولات عميقة. وخلال تلك المرحلة برزت قوة الجماهير كعامل طاغي في الحياة الاجتماعية والسياسية تجلى في النضالات العارمة مثل انتفاضة أفريل 1939. كما برز الفرد، کلیان مستقل وقيمة وحقيقة متميزة في الجمهور والجماعة، الأمر الذي تكرس في تنامي عدد الجمعيات وتمدد حراكها وتنوع أنشطتها في مجالات الرياضة والثقافة والفن والاقتصاد والاجتماع. وما رافق ذلك من وعي بخصوصية أوضاع الشباب والمرأة والمثقف