

كان" جوزابي" قد فرغ من قراءة الرسالة وطواها بإحكام وأخفاها في جيبه كمن يخفي كنزا ثمينا عن أعين الفضوليين لما انطلق فجأة من قاع حنجرته صوت يصرخ بقوة زلزال: ليفيا.. ليفيا .. ليفيا .. ارتطم ذلك الصوت بجدران المباني المجاورة واسفلت الطريق فتردد صداه في ذلك الفضاء وفي فضاء المدينة والقرى المجاورة لها. لا زال صدى ذلك الصراخ يقرع الآذان كطبول حرب لما وضع "جوزابي" يده اليمنى على الجهة اليسرى من صدره وفتح فاه وارتعش كامل جسده في حركة عشوائية تشبه رقصة الديك المذبوح، وما هي إلا لحظات حتى اتسعت حدقتاه وسقط أرضا وانقطع حراكه. صاح الناس بصوت واحد الله أكبر، إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد مات " جوزابي طورينو".