

... لم يبق من اليهود في المدينة العتيقة بسوسة، بعد خروج إيريلا وموسى منها، سوى يعقوب الأحمر. كان يخرج كل صباح من مسكنه، ويطوف حول حوانيت اليهود المغلقة، وأحيانا يبدأ في قرع باب بيت المالح، وينادي بصوت عال : شانا توفا...
شانا توفا ..
وفي الليل، يفتح الحانوت الذي كان يسكنه رابط الأسد، ويشعل شمعة يثبتها في إحدى زواياه، ثم يعود إلى مسكنه، فيشعل الشموع، ويبدأ في تلاوة التوراة. كل من يمرّ أمام مسكنه آخر الليل، كان
رحي
يسمع صوت ترتيله الذي يشبه أزيز ماكنة الجليز، ثم بدأ الصوت يتبدل إلى زئير يثير الرعب في نفوس الذين يسمعونه. حتى أن سكان المدينة العتيقة أصبحوا يتحدثون عن أسد يعيش في الحانوت الذي يسكنه يعقوب اليهودي، هكذا كان عرب المدينة العتيقة يسمونه، ثم انقطع صوت الزئير، وأصبح جيران الأحمر يشمون رائحة لحم متعفن تخرج من الحانوت الذي يسكنه...».
سفیان رجب