وأنتَ تمشي - على سبيل المثال- نحو الطائرة مسافراً وهارباً من أساك، تأمل من هم في مرمى البصر، ففي كل قلب حكاية. وحينما تتسلق الطائرةُ دَرَجَ الهواء، حدق بالبيوت من علوّ، ففي كل بيت حكاية. وحينما تعلو أكثر فأكثر، أنظر إلى المدن لتعرف إنها فصول الحكاية، ثم أغمض عينيك لتدرك أن الحياة حكاية لم تنته بعد.
هذا ما فكر به "خاطر" حينما كتب روايته، وهذا ما فكر به حينما فقد مخطوطه الروائي في حريق مباغت، و حينما وجد مصادفة روايته تُروى في شارع تحت شجرة توت معمّرة، على لسان امرأة أدمنت سرد الحكايات. امرأة تحكي قصة رجل وفتاة يتوقان للحياة أيما توق، كأنها لم تحدث لهما من قبل، في عالم ما يزال يسن قوانين تبتر الأجنحة بمقص عيب لا هو بالعيب، وحرام لا هو بالحرام. فتبدأ الحكاية من همس بكلمة، ثم تُخَط ّ الدروبَ، وتتشعب، لكنها تلتقي، كما تلتقي حكاية " خاطر" بحكاية " علي بن محمود القصّاد" ثم بحكاية الحكاءة " بارعة" حيث المصائر ومآلاتها، في حياة كانت وما تزال تسقط فيها كل الجبهات، وتبقى جبهة الحب هي الوحيدة الصامدة، بوجه كل أشكال التطرف وأباطرته، الذين يعيّبون ما لا هو بالعيب، ويحرمون ما لا هو بالمحرم.