في هذه الرواية استدعاء عبقري للحكمة اليابانية القديمة حول وضعية القرود الثلاثة المعروفة، والتي تقول إنّ الشرّ يحارب بالعمى والصمم والخرس. تواجه هيام الراوي- والرواية التي تتجاوز الثلاثمائة وأربعين صفحة في نهايتها - بالحقيقة الجارحة، قائلة: "أنت فضّلت العمى، وسارة اختارت أن تغرق داخل أصواتها الداخليّة، أمّا شبحك الإرهابي فرأى الشر بعينيه لكنّه أغلق فمه ومضى إليه".
وبين هذا الثلاثي، الراوي وسارة والشبح "ك" قاتل الشهيد شكري بلعيد، يروي لنا وليد أحمد الفرشيشي، بأسلوب سردي محتدم، وحسّ ساخر لاذع، حكاية تونس المضطربة، التواقة إلى الحرّية والغارقة في المآسي، محاولا الإجابة على سؤال جوهري: ما الذي يحدث حين تدير ظهرك للحياة؟ "كرنفال القرود الثلاثة"، رواية في مدح الهشاشة، والتآكل الداخلي للإنسان، والعوالم السّفلية. انحاز فيها الرّوائي إلى العنف اللّغوي، والجرأة الأدبيّة التي تعرّي الوقائع وتصف، بسخاء، الكارثة بمسمياتها. في ظل قسوة التحولات والعنف الأعمى الذي تمر به بلاد تخلع عنها جلد الديكتاتورية، وكيف يكون الحبّ، في النهاية، خلاصا، يهتزّ له الضوء في آخر النفق.