تأملهن واحدة واحدة... ثلاثة نساء من عائلات مختلفة من بلدان مختلفة غريبات اجتمعن صدفة في هذا المأوى معذبات بما يحملن... منكسرات... لا واحدة منهن تبدو مرتاحة... كأنهن هاربات من شيء ما من خطر من خوف... وراء صمت كل واحدة حكاية تريد الإنعناق منها وعليه أن يساعدهن

يوميات ابي القاسم الشابي هي ضاهرة أدبية متميزة لأديب كان يحلق بجناح واحد فقط لأنه لم يتقن سوى اللغة العربية. وكتابة الشابي لهذه اليوميات في مفتتح شهر جانفي من سنة 1930 هي بمثابة التمرين اليومي الذي رام أن يثمن به الأحداث التي عاشها في يومه ذاك. فهو حين يجلس إلى مكتبه ليلاً، يستعيد بعض التفاصيل الهاربة من الزمن، فيخطها على الورق وهو يعاني إحساس "النبي المجهول" بالوحدة و الغربة

حكايات لا تهمك، مجموعة قصصية للكاتب التونسي طارق الشيباني.

مجموعة قصصية تشدك منذ الصفحة الأولى. لأنك ستجد نفسك مع حكايا في الظاهر لا تهمك و لكنها ستجعلك مهتما رغما عنك.ستحاول الإبقاء على مسافة زمانية و مكانية بينك و بين القصص لكن روحك ستتعلق بالأسلوب السلس و بالرسائل اللاذعة المخفية بإحكام بين السطور..

قد تتخطى صفحات اذا ما شعرت بأن الحكاية ليست من شأنك و لكن الفضول سيجعلك تعدل عن قرارك بترك الكتاب جانبا و ستواصل القراءة قصة بعد قصة الى ان تنفذ كلمات الكاتب و حكاياه الممتعة..

ستجد نفسك احيانا كاتبا مع الكاتب و اخرى مشاركا في الأحداث او ربما أشركت عنوة فيها..و أحيانا اخرى مشاهدا يحاول جاهدا إلتزام الحياد.

الفيـــروس اللّــطيف

لا...لم تخطئوا قراءة العنوان. نعم هو الفيروس اللّطيف.

أنا الآن أسمعكم. أسمع همهمتكم المُعترضة. أسمع رفضكم. أرى على بعض وجوهكم علامات الاستنكار. هاهو أحدكم يقول:" يبدو أنّه هذه المرّة، قد شرب خمرة فاسدة" و آخر يقول :" من تكلّم في غير فنّه، أتى بالعجائب"...و لكن إمنحوني فرصة، حتّى أشرح الامر. فرصة صغيرة لا أكثر...

الآن على الأقل أنت مصفّحة وحتى و إن حاولت جلب العار كما فعلت أمك، فلن تستطيعي إلى ذلك سبيلا. لقد أغلقتك و لن أفتحك حتى تكون أم زوجك حاضرة و شاهدة 

بعد ذلك و عند ممارستي الجنس مع الرجل الأول الذي ضاجعني في حياتي. ارتسم في ذهني أنّها خسرت زبيباتها السبع و لوّثت شفرتها بدمي. لم تغلقني و لم تفتحني، و إنّما أغلقت وهما في رأسها و فتحته و قد عاشت به 

بعض النهايات تنهينا تقتل فينا شغف البدايات تترك فينا ندوب لا ترى وجروح لا تشفى فتأسرنا بين جدران الماضي لنعيش على عتبة الذاكرة  نور بطلتنا لها ذاكرة تأبى النسيان فتداوي أوجاع روحها بالتناسي وتفر من كل ماضيها لتحقق مجدها بعيدا رغم كل الخراب الذي بداخلها

عندما تاخذ الحياة فأنت بحاجة إلى عدة مهارات وإمكانيات كي تحقق التوازن كأنك في رحلة صيد تحميل جعبتك على كتفك و أنت في مهمة الصيد، اهتمامك الكبير هو كيف تصيد هدفك سوف تتأكد في كل مرة من وجود العدد الكافي و اللازم من السهام عندك في جعبتك لإتمام المهمة على الوجه الأكمل. سوف تجوب المكان تجذبك أصوات الفريسة وأنت في تركيز تام تستجمع قواك في كل رمية للسهم، فريستك أمامك لا تسمع صوتاً، حركاتك ثابتة، عيناك تصوبهما نحو مكان واحد فقط هو هدفك 

تبدأ بعثور الأبناء على مخطوطة كتبتها الأم المتوفية و تأخذك كسباق للسرعة، يحتسب فيها الزمن بالحرف الواحد، تنطلق الحكايات و الشخصيات في مضامير مختلفة، ديكو، فاخر، ابراهيم، المنصف و خديجة، تتشابك قصصهم وتقترب لتلتقي في النهاية عند خط واحد، البحث عن باشو بما يحمله من صراع و خيانات، مد وجزر لينتهي بوفاة غامضة. 

رواية يقدم من خلالها المؤلف مأدبة روائية لذيذة تتذوق فيها ألواناً من الأطباق الفنية تدوم نكهتها إلى الأبد.

عندما تتصفحني ستجد ذاتك بداخلي، ستتفق معي أحياناً و ترفض فكرتي أحياناً أخرى ستبكي و ستأسف لحالي، ستتذكر أحداثاً مماثلة واجهتك، ولكنك ستتعلم كيف تواجه ذاتك و تتجاوز هذا

نحن لن نستطيع أن نفرق بين الموت و الحياة. إن كانت الحياة شبيهة بالموت إلى هذه الدرجة و إن كنا سنمر بكل ما مررنا به حتى نبلغ الموت في النهاية فلماذا لا نختصر كل ذلك، لماذا علينا أن نقاوم ما لا يقاوم، لن نستطيع أن نميز الخبيث من الطيب ولا أن نفرق بين الحقيقة و الخيال و لا أن نهزم ما لا يهزم و لا أن نكون أكثر قيمة من الحيوان. لن نستطيع تجاوز لعناتنا الخاصة فكيف لنا أن نتجاوز لعنة كلعنة هذه الرواية؟

انها الدعوة الأحقر دعوة التجرد من الشجاعة، دعوة الخلاص الزائف.. تطبيق شائن لعبارة "فليكن ما يكون

بات الجميع فجأةً منتبهين لما يحدث أنها فعلاً محاكمة و يجب أخذها ببعض الجدية، و لعل فيها ما يقال فوائد و تمائم تحتاج إلى تفكيك موجه كأعلامنا في خطابات سلطتنا البهية في الأعياد الوطنية 

احضرت القرود الهائجة المتهم الذئب الى قفص الإتهام و هي تقفز في سعادة ضاربة إياه كمن يجرب أحلاماً كانت مستحيلة. كان الذئب يمشي على مهل غير آبه بما يحيط به في وقار زاده لون وبره الأسود من إشعاع النجمة الرمادية على جبينه تألقاً

نحن أبناء القرن الواحد والعشرين، غارقون حتى النخاع في خوارق التكنولوجيا، عبدة « الإنجيل الجديد »، دعاة الديمقراطية والحضارة العالمية الكبرى، والباحثون عن ذواتنا بين جماليات الألوان والردع لقوانين الحداثة، وها نحن نتبع أجدادنا السابقين مفتشين بين الكتب واللوحات عن مجد لهذا الإنسان الغريب، آملين من الدولة الحديثة کرامة تحفظ شتات هذا الأخير من هواجسه

لقد نشأنا على أنقاض القوانين الكلاسيكية وشهدنا على ثورات العالم العربي. شهدنا تحطم هذا الإنسان المعاصر وهو يحصي خيباته ويشحذ قانونا ينصفه

تشتّتنا أمام تعدد الثقافات، طالبنا مرارا بسعادتنا، فرحنا، أحلامنا، وجودنا، وكل ما اقترفت آمالنا من ذنوب وانتظارات